شبكة قدس الإخبارية

ماذا يريد الاحتلال من اغتيال من وصفه بـ"الرجل الثاني" للقسام في غزة؟

photo_2025-12-13_21-58-30

خاص شبكة قدس الإخبارية: باتت عمليات الاغتيال المركزة والتي تستهدف قيادات المقاومة في غزة، وما تصفه "إسرائيل" بـ"الصيد الثمين" نهجا واضحا في التعامل مع القطاع، في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ أصلا، متذرعا بأحداث أمنية مزعومة داخل مناطق سيطرته العسكرية.

ونفذ جيش الاحتلال عملية اغتيال استهدفت القيادي في كتائب القسام، رائد سعد، وهو ما وصفته بـ"الرجل الثاني" داخل الذراع العسكري لحركة حماس، بقصف سيارة على شارع الرشيد، مما أسفر عن استشهاد 5 فلسطينيين على الأقل وإصابة نحو 20 آخرين.

وسرعان ما زعم جيش الاحتلال إصابة جنديين إسرائيليين في تفجير عبوة ناسفة في مناطق سيطرته العسكرية، من دون أن يقدم تفاصيلا أخرى. وهي نفس الرواية الإسرائيلية المزعومة التي يُصدرها الجيش لتمرير عمليات الاغتيال المركزة بالقطاع.

وتتهم "إسرائيل" سعد بالمسؤولية عن إعادة إنتاج الأسلحة في "حماس"، والذي شغل سابقا رئيس دائرة العمليات في "القسام"، وأحد مخططي هجوم السابع من أكتوبر 2023. وادّعت أنه نجا من أكثر من محاولة اغتيال خلال الحرب الإسرائيلية، ومن محاولتين خلال الأسبوعين الماضيين.

ولا يتعامل الاحتلال مع "التهدئة" في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة، والاغتيالات الانتقائية الأخيرة تكشف بوضوح أن الحرب لم تنته، بل أعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع وإدارة الصراع بدل حسمه، كما يرى الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة.

ويوضح أبو زبيدة لـ شبكة قدس الإخبارية حرص الاحتلال على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره "ردًا دفاعيًا"، غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود او اختلاق احداث غير موجودة في عمق سيطرته داخل الخط الاصفر ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال.

ويعتقد أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية. ويؤكد على أن الهدف هو منع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم.

وينبه أبو زبيدة إلى أن ما يجري في غزة يمكن وصفه بمحاولة استنساخ النموذج المطبّق في لبنان حيث لا حرب شاملة، بل اعتداءات متقطعة تضمن لإسرائيل حرية الحركة وتمنع الطرف الآخر من بناء قوة رادعة مستقرة. ويؤكد أن السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات "الخاطفة" إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة.

ويعتبر أبو زبيدة أن ما يجري محاولة إسرائيلية واعية لإعادة تعريف التهدئة ذاتها، وتحويلها إلى أداة من أدوات الحرب، تمهد نحو تهدئة بلا التزامات، وبلا حماية، وبلا ضمانات، تُستخدم لتجميع الأهداف، وفرض قواعد اشتباك جديدة، وإدامة السيطرة العسكرية والأمنية على قطاع غزة.

ويتفق المحلل السياسي إياد القرا في أن "اغتيال رائد سعد يمثل تطورا خطيرا يؤسس لمرحلة جديدة من سياسة الاغتيالات الممنهجة، ويكسر عمليا أي التزام حقيقي بالاتفاقات القائمة"، مؤكدا أن الاحتلال يسعى إلى ترسيخ شرعية الاستهدافات، وتحويلها إلى أداة دائمة لإدارة الصراع لا إلى إجراد استثنائي.

ويقول القرا لـ شبكة قدس الإخبارية أن الهدف الأساسي من عملية الاغتيال، استدراج المقاومة لرد فعل يُستثمر سياسيا وإعلاميا لتصويرها كطرف أنهى الاتفاق، وضمن محاولة مقصودة لإعادة ضبط قواعد الاشتباك دون إعلان رسمي عن انهيار التفاهمات.

ويشير القرا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يستخدم التصعيد وتوسيع الخروقات كرسالة مسبقة قبل التوجه إلى واشنطن لفرض وقائع ميدانية جديدة، كما أن التصعيد يخدمه داخليا في ترميم صورته الأمنية وسط أزماته السياسية المستمرة، منبها إلى محاولته الرهان على انتزاع غطاء أميركي يسمح باستكمال سياسة الاغتيالات والتصعيد لاحقا.

ويرى القرا أن ما يجري في قطاع غزة، يؤكد أن الاحتلال يتعامل مع الاتفاق كمرحلة مؤقتة لإعادة التموضع، فيما أن المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من محاولات الاختبار والضغط على المقاومة وإرساء قواعد للتعامل خلال المرحلة المقبلة.